وهنا يصير ما جعل هو الغاية مستلزما أن لا يكون هو الغاية، بل تكون الغاية تقتضيه وضده، فلا يجوز أن يكون هو الغاية.
وقولنا: لا يجوز أن يكون هو الغاية، يتضمن شيئين:
أحدهما: لا يصلح للعبد أن يعتقد ذلك ويقصده.
والثاني: أنه في نفسه لا يقع غاية، أي ما تهواه النفوس وتحبه إذا جعلته النفوس هو غايتها، لم تحصل محبوباتها وما تهواه.
فهذا بيان أن هذه الغاية لا تحصل ولا تقع، وهي حصول المحبوب المطلوب. وإن كانت النفوس تفعل لأجلها، فالفعل إذا لم يحصل غايته كان باطلاً، وهي أعمال الكفار. وإن حصل ضدها كان فاسدًا.
ولهذا قال الفقهاء: العقد والعبادة الباطلة ما لم يحصل به مقصوده، ولم يترتب عليه أثره شرعًا (١). ولهم في الفرق بين الباطل والفاسد كلام ليس هذا موضعه.
فوجود الأفعال التي لا تحصل غاياتُها بمنزلة وجود العقائد التي لا تطابقُ معتقداتِها، فهذا في الأفعال بالنسبة إلى الغاية، فاعتقادُ من اعتقد أنه خالق فعله بالنسبة إلى الفاعل، ووجودُ هذا الاعتقاد لا يمنع أن يكون الخالق غيره، وأنه ليس هو الخالق، وإن أخطأ في اعتقاده. كذلك عملُه لهذه الغاية الفاسدة المتناقضة، لا يمنع أن تكون الغاية