للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن البصري وغيره (١): ادَّعتْ طائفة أنهم يُحبُّون الله على عهدِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال لهم: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)، فجعلَ اتباعَ الرسول مُوجِبَ محبَّةِ العبدِ ربَّه جلَّ وعلَا، موجبًا لمحبّهِ الربِّ تعالى عبدَه ومغفرتِه ذنوبَه.

وفي الصحيح (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "كلُّ الناس يَدخُلُ الجنَّةَ إلاّ من أبَى"، قالوا: يا رسولَ الله! ومن يأبَى؟ قال: "من أطاعَنِي دَخَلَ الجنَّةَ، ومن عَصَانِي فقد أبي". كقوله تعالِى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)) (٣)، وقوله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)) (٤). وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (٥).

وهذا بابٌ واسعٌ، وهو متفقٌ عليه بين المسلمين. فافترقَ الناسُ فيما جاء به الرسولُ ثلاثَ فِرَق:

فرقة امتنعوا من اتباعِه، كاليهود والنصارى والمشركين ونحوهم، فهؤلاء كُفّارٌ تَجِبُ معاملتُهم بما أمر الله به ورسولُه.


(١) أخرجه الطبري (٣/ ١٥٥) عن الحسن وابن جريج.
(٢) البخاري (٧٢٨٠) عن أبي هريرة.
(٣) سورة النساء: ١٣ - ١٤.
(٤) سورة النساء: ٦٥.
(٥) سورة النساء: ٦٤.