للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدوُّ الله، لا ولي له، وإن كان مع ذلك له أحوال شيطانية، يَحصُل له بها مكاشفة وتصرُّف يُعِين بذلك أعداء محمد ويَخْفِرُهم، فهم من أعداء الله الملاعين، لا من أوليائه المتقين. وهو من جنس السَّحَرةِ والكُهَّان الذين كانت الشياطين تُخْبرهم ببعض المغيبات، وتُساعِدهم على بعض مطالبهم، وهؤلاء من أعَداء الله المجرمين، لا من أوليائه المتقين، بل هم كُفار يجبُ قتلُهم، بل يُقتَلون بلا استتابةٍ عند كثير من علماء المسلمين.

وأما أن يكون في العالم أحدٌ من البشر لا يُنزِلُ الله رزقًا أو نصرًا أو هُدًى إلاّ بواسطته، فهذا من أقوال المفترين الملحدين، وهو من جنس قول النصارى، إمّا في المسيح، وإمّا في الباب. بل الناسُ يَدعُون الله، فيُجيبُ دعاءهم، ويسمع كلامهم. والمشركون كانوا يَدعُون الله إذا اضَطُرُّوا، فيُجيب دعاءهم، فكيف بالمؤمنين!

وليس أحدٌ من الخلق يكون هو الذي يَرفع دعاءَ العبادِ كُلِّهم إلى الله سبحانَه وتعالى، ولا لعباد الله الصالحين وأوليائه المتقين عدد مُعين، لا أربعة ولا سبعة ولا اثنا عشر ولا أربعون ولا ثلاث مئة وثلاثة عشر، بل يكثرون تَارةً ويَقِلُّون أخرى. وقد كان حين بعث اللهُ محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أول الأمر كانوا من أقل الناس، ثم إنه بعد هذا انتشر الإيمان.

وقد أغرق الله أهلَ الأرض في زمن نوحٍ عليه السلام إلاّ من آمن معه، وما آمن معه إلاّ قليل.

وفي الحديث الصحيح (١) أن الخليل عليه السلام قال لسارةَ لما طَلَبَها الكافر، وكان يأخذ امرأةَ الرجل إذا أعجبتْه، فقال الخليل لها: إذا سألكَ


(١) البخاري (٢٢١٧، ٣٣٥٨) عن أبي هريرة.