للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الزيارة البدعية فهي من جنس الشرك به من جنس النصارى، مثل: دعاءِ الميِّت والاستغاثة به، والإقسام به على الله تعالى، وتقبيل قبره والتسمح به، والسجود له، وتعفير الخدِّ عنده، ونحو ذلك ممَّا يتضمن طلب الحاجات منه أو بسببه. فليس شيء من هذا من جنس دين المسلمين، ولم يَشرعْ رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا من هذا، ولا فَعَلَه أصحابُه، ولا استحبَّ ذلك أحدٌ من أئمة المسلمين، بل قد نَهَوْا عنه. حتى قد اتفق أئمةُ المسلمين على أنّ قبرَ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُقَبَّل ولا يُتمسَّحُ به ولا يُسْجَد عنده. فإذا كان هذا قبره فكيف يكون قبرُ غيرِه؟ وهو أفضل الخلق وأكرمهم على الله، وأقربهم إليه وسيلةً، وأعظمهم عنده جاهًا.

والحديث الذي يرويه بعض الناس عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي" حديث موضوع (١)، لم يَروِه أحدٌ من أهل العلم، ولا ذُكِرَ في شيء من كتب المسلمين المعروفة.

وكذلك إيقادُ المصابيح وتعليقُ الستورِ على قبور الأنبياء والصالحين من أهلِ البيت وغيرِهم ليس شيءٌ من ذلك مشروعًا باتفاق المسلمين جميعًا، ولم يفعل ذلك أحدٌ من الأمَّة ولا أئمتُها، ولا استحبَّه أحدٌ من أئمة الدين. بل في السنن (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لعنَ الله زوّاراتِ القبور والمتخذين عليها السُّرُجَ والمساجدَ". قال الترمذي: حديث حسن.


(١) تكلم عليه المؤلف في مواضع من "مجموع الفتاوى" (١/ ٣١٩، ٣٤٦، ٢٤/ ٣٣٥، ٢٧/ ١٢٦)، وذكر أنه لا أصل له.
(٢) لأبي داود (٣٢٣٦) والترمذي (٣٢٠) والنسائي (٤/ ٩٤) وابن ماجه (١٥٧٥) عن ابن عباس.