للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يُوجب أن يكون تأويل معتبرٍ باطلاً، فلا يَرِدُ هذا علينا.

الوجه الرابع: أنّا سننقل إن شاء الله من النقول الكثيرة ما يُبيِّن ما عليه أهل الإسلام من إنكار التأويلات الصادرة عن كل طائفة من طوائف المتكلمين إن شاء الله.

فهذا كلُّه في عدم توجيه سؤال القول بالموجب الذي جعل سَنَده "لا نُسلم أن المعتبرين من المحدثين منعوا تأويل المعتبرين من المتكلمين".

قولكم: "فإن نُقِلَ ما ظاهرُه المنعُ حَملناه على التأويل بغير دليل، أو على غير القواعد العلمية، توفيقًا بين العلماء وصيانةً لهم عن تخطئة بعضهم" غير واردٍ لوجوهٍ:

أحدها: أن التأويل بغير دليلٍ وبغير قواعدَ لا يُبيْحه ولا يَسلكه أحدٌ من عقلاء الناس المنتسبين إلى العلم، سواءَ كانوا كفّارًا أو مؤمنين، مستنة أو مبتدعة، فإن أشد الناس تأويلاً من الفلاسفة والباطنية إنما يتأولون -زَعَموا- لقيام الأدلة العقلية الموجبة لتلك التأويلات عندهم، ويزعمون أنهم يُجرونَها على القواعد العقلية والسمعية.

وأما المعتزلة فأمرهم في ذلك أظهر، فإنهم يزعمون أنهم فُرسان الكلام ودُعاة الإسلام، الحافظين (١) له بالقواعد العقلية والموارد السمعية، وأن مَن خالفَهم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين والأشعرية والكُلاّبية والكرَّامية وغيرهم هم حَشْوُ الناس. وهم أهل فتنة واضطراب،


(١) كذا في الأصل منصوبًا.