للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زوالَ النافع، والثاني يخافُ حصولَ الضارِّ.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "شرُّ ما في المرء شُحٌّ هالِع، وجبنٌ خالِع" (١) , وكلاهما يكونُ من ضعف النفس وهلعها.

* و"ضِلَع الدين وغلبة الرجال" من جنسٍ واحد؛ فإن المقهور تارةً يُقْهَرُ بحقٍّ، وهو المغلوب، وهو الذي ضَلَعه الدَّينُ، وتارةً بباطل، كرجالٍ اجتمعوا عليه فغلبوه.

وهذان كلاهما عاجزٌ مقهور، الأول عاجزٌ مقهورٌ بحقٍّ غَلَبه، عليه أن يؤدِّيه، وهو لا يقدِر، والثاني هو عاجزٌ مقهورٌ برجالٍ يعارضونه ويغلبونه حتى يمنعوه من مصالحه وأشغاله.

وقد رتَّبه النبي - صلى الله عليه وسلم - ترتيبًا محكمًا:

فالهمُّ والحَزَنُ متعلقان بالمصائب، مثل فوات مطلوبٍ وحصول مكروه.

والعجزُ والكسلُ متعلقان بالأفعال التي يُؤْثِرُها، وهي نافعةٌ له، فإذا لم يفعلها حصل له الضرر، ويكونُ تركُها لعجزٍ أو كسل.


(١) أخرجه أحمد (٨٠١٠)، وأبو داود (٢٥١١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بسندٍ حسن، وصححه ابن حبان (٣٢٥٠)، وقال ابن طاهر: "إسناده متصل، وهو من شرط أبي داود، وقد احتجَّ مسلمٌ بموسى بن علي عن أبيه عن جماعةٍ من الصَّحابة"، كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (٤/ ٨٩)، ويشبه أن يكون من كتاب "الكشف عن أحاديث الشهاب" لابن طاهر، والزيلعي كثير النقل عنه، والحديث في مسند "الشهاب" (١٣٣٨). وجوَّده العراقي في "المغني عن حمل الإسفار" (٩١٠).