للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الأربعة تتعلَّق به في نفسه، فمحلُّها (١) نفسُ الإنسان.

وأما البخلُ والجبنُ، وضِلَعُ الدَّين وغلبةُ الرجال، فإنها تتعلق بأمورٍ منفصلة عنه، الأوَّلان يتعلقان بإرادته للأمور المتصلة، والآخران يتعلقان بقدرته على الأمور المنفصلة.

كما أن الأربعة الأُوَل: الأوَّلان يتعلقان بالمحبوب والمكروه، والآخران يتعلقان بالمقدور عليه والمعجوز عنه.

فالبخيل الذي لا يريدُ أن يبذل ما ينفعُ الناس؛ لعدم إرادته الإحسانَ إليهم، أو لخوفه من إخراج النافع منه (٢)، أو لبغضه (٣) للخير وحسده للناس.

والجبانُ الذي لا يريدُ دفعَ المضرَّة؛ خوفًا من حصول ما يضرُّه، وزوال ما ينفعُه، فيقعُ في أعظم الضررين خوفًا من أدناهما، إما جهلًا بحقيقة ما ينفعُه ويضرُّه، وإما ضعفَ نفسٍ بهَلعٍ (٤) يخلعُ قلبَه.

والجبنُ والبخلُ متعلقان بما في النفس من إرادةٍ وكراهة، وقوةٍ وضعف.

وأما ضِلَعُ الدين وغلبةُ الرجال فكلاهما هو مما يكون في المرء مقهورًا بغيره، قد عجَّزته الأمورُ المنفصلة عنه، ليس من عجزٍ حصَل في نفسه ابتداءً،


(١) الأصل: "محلها". والمثبت أشبه.
(٢) كذا في الأصل. أي: خوفه من ذهاب ماله إذا أنفقه. انظر: "الرد على الشاذلي" (٩٠).
(٣) رسمها في الأصل قريب من "لتنقصه"، والمثبت أقوم، كما وقع في موضعٍ آخر من كلام المصنف. انظر: "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٥٩١).
(٤) الأصل: "ضعف بنفس هلع". من سهو الناسخ.