ومعلوم أن هذه السورة هي سورة الطلاق، وقد ذكر الله فيها من أحكام الطلاق والرجعة والعدد ونفقة الحامل والمرضع وغير ذلك مالم يذكره في موضع آخر، وهي تدل على تحريم جمع الثلاث من وجوه:
أحدها: أنه قال (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) إلى قوله (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ). ومعلوم أن هذا لا يكون في الطلاق الثلاث، فإن الثلاث لا إمساك بعدهن، وبعد الثلاث لا يُحدِث الله للزوج رجعةً بدون رضاها. ولهذا قال غير واحدٍ من الصحابة والتابعين والعلماء - كابن عباس وجابر وفاطمة بنت قيس - وفقهاء الحديث ومن وافقهم من العلماء: إن هذا في الرجعية.