للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْكِتَابِ) (١)، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من سُئِل عن علمٍ يعلمه فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار" (٢).

فلو تكلم بالشهادة حيث لا ينتفع صاحبُها، ولم يُظهرها حيث ينتفع بأدائها، كان كاتمًا لها، وإن كان قد أخرجها من فمه. وكذلك كاتم العلم. والمرأةُ على كتمان الحيض أقدرُ منها على كتمان الولد، فإنها إذا كانت حاملاً انتفخَ بَطْنُها، وعَرفَ حملَها كثير من الناس، ثمَّ إذا ولدتْه فإنه يظهر أعظم مما يظهر دمها، فإن دمَها قد يَسِيْل ويَخْرجُ ولا يَعلم بذلك أحد، فتكون دلالةُ الآية على النهي عن كتمان الحيض أقوى، وإن كانت قد تدل على الآخر.

فصل

وأما كون الآية حجةً على نقيضِ ما ذكروه فهو قولُ من قال: إن الطلاق إنما هو الطلاق الشرعي الذي أذن الله فيه وملكه للإنسان، وأما مالم يأذن فيه فإنه لم يملكه للإنسان، كما لم يملكه الطلاقَ بعد انقضاء العدة، ولا طلاقَ غيرِ المدخولِ بها إذا أبانَها بواحدةٍ، ثمّ أراد أن يطلّقها تَمام الثلاث، وكذلك البائن بالخلع عند أكثر السلف والخلف لم يُمَلّكْه طلاقَها، ولم يُملكه طلاقَ الأجنبية. وإذا كان الإنسان ليس له طلاق إلاّ فيما يملك، ولا عتاق إلا فيما يملك، كما جاء في الحديث (٣)،


(١) سورة البقرة: ١٥٩.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٥٨) والترمذي (٢٦٤٩) وابن ماجه (٢٦١) وأحمد (٢/ ٢٦٣) من طرق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة. وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم. وللحديث طرق أخرى وشواهد يرتقي بها إلى درجة الصحة.
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ١٨٥،١٨٩،١٩٠، ٢٠٧، ٢١٠) وأبو داود (٢١٩٠، ٢١٩١، ٢١٩٢، ٣٢٧٣) والترمذي (١١٨١) والنسائي (٧/ ٢٨٨) وابن ماجه (٢٠٤٧، ٢١١١) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وهو حديث حسن.