للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطلاقه لواحدةٍ من هؤلاء طلاق باطل، إذ كان الله لم يملكه إياه.

وكذلك طلاق الحائض والموطوءة التي تبيَّن حملُها لم يملكه الله طلاقَها، فإنه لم يأذن في ذلك ولم يُبحْه، بل نهى عنه، وما نهى عنه العبد من نكاح وطلاق وعتق وبيع فَإنه لم يملكه ذلك، فتصرفه فيه تصرُّف في غير ملكٍ، ولو سمّي ملكًا فهو محجور عليه فيه منهي عنه، وتصرُّفُ المحجورِ عليه فيما حُجِر عليه فيه لا يجوز، فتصرُّفُ من حَجرَ الله ورسولُه عليه أولى أن لا يصحَّ، لاسيما وهو سفيه حيث خالف أمرَ الله ورسوله، وفعلَ ما نهى عنه، وهم يسلمون أن الوكيل في الطلاق لا يملك إلاّ ما أذن له فيه، ولو طلق غير ذلك لم يقع، بل هو محجور عليه فيه، فما لم يأذن الله فيه وحجر على صاحبه فيه أولى أن لا يقع. والله تعالى قد نهاه عن الطلاق إلاّ في العدَّة، كما نهاه عن النكاح في العدة، ولو تزوج في العدة لم يصح بالاتفاق، فكذلك إذا طلق لغير العدة، فإن الذي حرَّم هذا حرَّم هذا، والحكم إنما استفيد من تحريمه، ليس في كلامه يصح أو لا يصح، أو يُشترط أو لا يشترط، بل الدلالة في كلامه على هذا من جنس الدلالة في كلامه على هذا. وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا بيان دلالة الآية على نقيض ما استدلوا عليه، فنقول: قوله (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (١) إنما يتناول من كانت عدتها الأقراء، لا يتناول الحامل، فان الحامل لا تتربص ثلاثة قروء، بل عدتها كما قال تعالى: (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (٢).

وإذا كانت المرأة حاملاً لم تتربص ثلاثة قروء، ولكن ربما ظنت أن


(١) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٢) سورة الطلاق: ٤.