للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما الشرُّ، فليس هو إلا الذنوبُ وعقوباتها.

ولهذا كان في خطبة الحاجة المشهورة: "الحمد لله، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا" (١).

فاستعاذ من شرِّ النفوس، ومن سيئات الأعمال، وهي عقوباتُ الأعمال، أو السيئاتُ من الأعمال، الأول كقول الملائكة: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} [غافر: ٩] (٢).

والمقصود أن كلَّ ما سوى الذنوب وعقوباتها فهو نعمة؛ فإن المصائب إذا اقترن بها طاعةُ الله كانت من أعظم النعم، كما ثبت في الحديث الصَّحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاءُ شكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبَر فكان خيرًا له" (٣).

فإذا كان العبد صبَّارًا شكورًا فجميع ما يصيبه خيرٌ له، والخير هو


(١) أخرجه أحمد (٣٧٢١)، وأبو داود (٢١١٨)، والترمذي (١١٠٥) وقال: "حديثٌ حسن"، والنسائي (٣٢٧٧)، وابن ماجه (١٨٩٢) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بسندٍ قوي، وقال ابن عبد الهادي في حاشية "الإلمام" (٤٩٣): "إسناده على شرط مسلم". وروي من وجوه أخرى من حديث ابن مسعود وغيره.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٢٨، ٢٢٢، ٢٦٢، ١٨/ ٢٨٩)، و"بدائع الفوائد" (٧١٦)، و"الداء والدواء" (٢٦٨)، و"طريق الهجرتين" (٢٠٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٩٩) من حديث صهيب - رضي الله عنه -.