تابوا، فإذا رُفِع نكثوا التوبة. فقوله:{نَادِمِينَ} لا يدل على توبة صادقة ثابتة.
وكذلك قوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء: ١١ - ١٥]. فهو لم يذكر عنهم توبة، ولكن إخبارهم بأنهم ظالمون، والكفار والعصاة معترفون أنهم ظالمون مع الإصرار، وإبليس معترف أنه عاصٍ لربه مع إصرارِه، وفرعون كان يعلم أن موسى صادق مع إصراره، ومجرد العلم بأنه مذنب ليس توبة، إنما التوبة رجوع القلب عن الذنب إلى الله تعالى وطاعتُه.
وكذلك قوم شعيب لما أخذتْهم الظُّلَّة لم يتوبوا، وكذلك قوم لوط لما جاءهم العذاب لم يتوبوا. والتوبة عند نزول العذاب كثيرًا ما تكون غير صادقة، بل يتوب إلى أن ينكشف، ثم يعود، كتوبة آل فرعون باللسان من غير عملٍ بموجبها، بل مع الكذب.
ولهذا لم يقبل أكثر العلماء توبةَ الزنديق في الظاهر؛ لأنه لا يُعلَم صدقُه، وهو ما زال يُظهِر الإيمان، فلم يجدِّد شيئًا يُعرَف به صدقُه، وهو منافق، ولم ينتهِ عن إظهار النفاق. وقال تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا