لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧]، فبيَّن أن الكفر ضدُّ الشكر، وأن من لم يشكر نعمته فقد كفر؛ فهو من أهل الظلمات، والشاكرُ من أهل النور، وكذلك قال سليمان:{وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}[النمل: ٤٠].
وقال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[إبراهيم: ٣٤]، فذكر أن الإنسان ظلومٌ كَفَّار، فلا يشكر نعمَه التي لا تحصى.
فبيَّن أن الشكر من النور والإيمان، وضدُّه من الظلمة والكفر، وذلك لأن الشكر أصلُه هو الاعترافُ بإنعام المُنعِم على وجه الخضوع، فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلًا لها فهو في ظلمة الجهل، ومن عرفها ولم يعرف المُنعِم بها كان كذلك، ومن عرف النعمة والمُنعِم بها لكن جَحَدها كما يجحد المتكبِّرُ نعمة المُنعِم عليه فقد كَفَرها، وإن أقرَّ بها واعترف بها فهو أوَّل الشكر.
فلا بدَّ في ذلك من علم القلب وعملٍ يتبعُ العلم، وهو الميلُ إلى المُنعِم ومحبَّته والخضوع له، كما في الحديث الذي رواه البخاريُّ عن شدَّاد بن أوسٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدُك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي"(١).