كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم

فصل في الكلام على الاتحادية - حقيقة مقالة الاتحادية - ج: 9 - ص: 87

تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦]، وعندهم هو الشافع، والمشفَّع، والمشفوع له وإليه.

والقرآن كلُّه يكذِّبُ قولهم (١)، ولهذا قال التِّلِمْساني: "القرآن كلُّه شرك" (٢)، ليس فيه توحيدٌ على أصلهم الكفريِّ الفرعوني القُرمطي.

وعلى قولهم ليس للعبد ربٌّ يدعوه، أو يفتقرُ إليه، أو يستعينُ به، أو يتوكلُ عليه؛ فإن الداعي هو المدعوُّ، فلا فقر له إلى غيره.

وعلى أصل ابن عربي: وجودُ الربِّ مفتقرٌ إلى ذات العبد، وذاتُ العبد إلى وجود الربّ؛ فكلٌّ منهما فقيرٌ إلى الآخر خليلٌ له (٣).

وعلى أصل البقية: لا فرق بين الوجود والثبوت أصلًا؛ فيصيرون في مقام الاستغناء عن الله تعالى، والاستكبار عن عبادته ودعائه، مستشعرين أنهم هو.

فهم أكفر الخلق بالله، وأبعدهم عنه، معتقدين أنهم أعرفُ الخلق، وأعظم من سائر الأولياء، بل ومن الأنبياء!

فمن تدبَّر حال هؤلاء علم أنهم جمعوا بين غايتي التناقض؛ فإنهم أجهلُ (٤)

---

(١) الأصل: "قوله". والمثبت أشبه بالسياق. وإن كان يحتمل أنه يريد ابن سبعين الذي ساق كلامه في صدر الفصل.
(٢) انظر: "الصفدية" (١/ ٢٤٤)، و"الرد على الشاذلي" (١٧٤)، و"الجواب الصحيح" (٤/ ٥٠٠)، و"مجموع الفتاوى" (٢/ ٢٠١، ٢٤٤، ٤٧٢، ١١/ ٢٤١، ١٣/ ١٨٦).
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢/ ٤٦٨).
(٤) كتب الناسخ: "أضل أجهل". ثم ضبَّب على الأولى ورسم فوق الثانية حاء صغيرة.