للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُعجبُوا بما عندهم من العلم، وهذه حالُ من استغنى بعقلِه وعلمِه عمّا جاءت به الرسلُ. وأخبرَ سبحانَه أنَّه أحاطَ بهم ما كانوا يستهزئون به ممَّا أنذرتْ به الرسلُ. وهذه حالُ عامة المتكايسِين من هؤلاء الذين يُنكرون العقوباتِ التي أخبرتْ بها الرسلُ.

وأخبرَ سبحانَه أنَّ الرسالةَ عمَّتِ الأممَ كلَّهم بقوله سبحانَه وتعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)) (١)، وقال سبحانَه: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)) (٢).

وكما أخبرَ سبحانَه أنه لم يكن معذِّبًا أحدًا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث رسولا، أخبر سبحانَه أنه بعثَ في كل أمة رسولاً، لكن قد كان يَحصُلُ في بعض الأوقاتِ فَتَرات من الرسُل، كالفترةِ التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلَّم، كما قال سبحانه وتعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)) (٣).

وزمان الفَترةِ زمان دَرَسَتْ فيه شريعةُ الرسول وأكثرُ الدُّعاةِ إليها


(١) سورة النحل: ٣٦.
(٢) سورة فاطر: ٢٤.
(٣) سورة المائدة: ١٩.