الحروف والأصوات المكتوبة والمسموعة ــ سواء جمعَ الوصفين كالحرف المسموع، أو أحدهما كالحرف المكتوب والصوت الذي ليس بحرف ــ إذا كانت متعلقةً بالدين فلا تخلو عن ثلاثة أقسام:
إما أن تكون سببًا للإيمان.
وإما أن تكون سببًا للكفر.
وإما أن تكون مجملةً تَصلُح لهذا ولهذا.
فالأول كلام الله وكلام رسله وأنبيائه وخلفائهم بلفظه ومعناه، فإن السامع إذا سمع القرآن كان سماعه سببًا للهدى، فيوجب الهدى إذا لم يكن مانع. وإذا نظر فيه وتدبَّره كان ناظرًا في دليلٍ هادٍ يُوصله إلى العلم والمعرفة إذا كان النظر صحيحًا. فأهل النظر من أهل العلم والكلام إذا كان نظرهم فيه وكلامهم منه اهتدَوا، وأهل السماع والوجد إذا كان سماعهم له ووَجْدُهم به رشدوا؛ ولهذا حضَّ سبحانه على تدبره وعلى سماعه، فهو أحسن الحديث وخير الكلام، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم»(١)، وقال: «للّهُ أشدُّ أَذَنًا إلى الرجل الحسنِ الصوتِ
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٢٨٣) وأبو داود (١٤٦٨) والنسائي (٢/ ١٧٩، ١٨٠) وابن ماجه (١٣٤٢) عن البراء بن عازب. وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٧٤٩) والحاكم (١/ ٥٧٢).