للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ادَّعى الرّجلُ على آخر أنه باعه أو أقرضه، أو نحو ذلك من العقود؛ لم يكن في ذلك عقوبة، بل إن أقام المدَّعي بيّنةً وإلا حُلِّف المدَّعى عليه. وإذا حَلَف بَرِئ في الظاهر وكان المدَّعي هو المفرِّط حيث لم يُشْهِد عليه.

وقد [ق ٣] جرت العادةُ: أن ما فيه شهادات وتعديل وإثبات وأيمان فمَرْجِعه إلى القضاء.

وأما التُّهَم، وهو إذا ما قُتل قتيل لا يُعرف قاتِلُه، أو سُرِق مال لا يُعْرف سارِقُه؛ فالحكم في هذا على وجهٍ آخر. فإنه لو حُلِّفَ المتّهمُ وسُيِّب، ضاعت الدماء والأموال، وكذلك لو كُلِّف المدَّعي بالبينة، فإن القاتل والسارق (١) لا يفعل ذلك غالبًا قُدَّام أحد.

ولو كان كلُّ من اتهمه صاحبُ الدمِ والمالِ يُضْرَب، لكان يُضْرَب الصالحون، وأهلُ البرّ والتقوى، والعلماءُ والمشايخ، والقضاة، والأمراء، وكلُّ أحدٍ بمجرَّد دعوى المُتَّهم (٢). وهذا ظلم وعدوان، فإنَّ الظلم لا يُزال بالظلم.

بل الاعتدال في ذلك: أن يُحبس المتّهم الذي لم تُعلَم براءتُه، فقد روى بَهْزُ بن حكيم عن أبيه عن جدِّه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣) حَبَس في


(١) من (ك).
(٢) في الحاشية إشارة غير واضحة إلى أنها في نسخة: "التهمة".
(٣) في الأصل: "صلى الله".