للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

[ق ٦٣] الإيمان هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟

الجواب: أن هذه المسألة نشأ (٢) النزاعُ فيها لما ظهرت محنة الجهمية في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ وهي محنة الإمام أحمد وغيره من علماء المسلمين، فقد جرت فيها أمور يطول وصفها هنا. لكن لما ظهر القولُ بأن القرآن كلام الله غير مخلوقٍ، وأطفأ اللهُ نار الجهمية المعطلة، صارت طائفةٌ يقولون: إن كلام الله الذي أنزله مخلوق، ويعبّرون عن ذلك بـ «اللفظ»، فصاروا يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، أو تلاوتنا أو قراءتنا له مخلوقة. وليس مقصودهم مجرّد أصواتهم (٣) وحركاتهم، بل يدرجون في كلامهم نفس كلام الله الذي نقرؤه بأصواتنا وحركاتنا. وعارضهم طائفةٌ أخرى قالوا: ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة. وردَّ الإمام أحمد على الطائفتين، وقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوقٍ فهو مبتدعٌ.

وتكلم الناس حينئذٍ في الإيمان فقالت طائفة: الإيمان مخلوق، وأدخلوا في ذلك ما تكلم الله به من الإيمان، مثل قوله: «لا إله إلا الله»، فصار مقتضى قولهم أنّ نفس هذه الكلمة مخلوقة لم يتكلم الله بها؛ فبدَّع


(١) هذا السؤال في «مجموع الفتاوى»: (٧/ ٦٥٥ - ٦٦٥).
(٢) الأصل تحتمل: «فشا» والمثبت من (ف)، وسيأتي نظيرها (ص ٧٩).
(٣) (ف): «كلامهم».