وهلم جرًّا، [وهذا] يلزم التسلسل. أو نقول: لا يُهدى إليه، بل ما حصل له من الأجر المساوي لأجر العامل هو غاية المقصود، وعلى هذا لا يحصل التسلسل. وعلى هذا فيقال: لا يُهدى إلى من له مثل ثواب العامل كالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكالمعلم للخير من الشيوخ ونحو ذلك، وهذا موافق لطريقة السلف في كونهم لم يكونوا يُهدُون لمثل هؤلاء لا ثواب العباداتِ البدنية ولا المالية.
وأما تضحية علي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن صحَّ ذلك فإنه كان بإذنه، كما لو وصَّى بصدقة وغيرها فإنها تنفذُ باتفاق المسلمين، فإن الوصي بمنزلة الوكيل في ذلك، والمُوصِيْ هو العامل لذلك في الحقيقة، كالمستنيب في إيتاء الزكاة وفي ذبح الأضحية وغير ذلك، فليس هذا من هذا، وإنما كانوا يدعون لهم.
ولكن يقال: هَبْ أن هذا مستقيم فيما يعمله الإنسان لنفسه من الفرائض والنوافل، فإذا أنشأ عملاً آخر ليجعل ثوابه لهم فما المانع من ذلك من العبادات البدنية والمالية؟ وهلَاّ كان السلف يتصدقون ويحجون ويعتمرون ويذبحون عن أئمتهم الذين علّموهم الدين؟
وسيد هؤلاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن الصدقة عن الموتى ونحوها تصل إليهم باتفاق المسلمين.
فيقال: الجواب عن هذا هو الجواب عن الأول، وذلك أنهم إذا أَهْدَوا لهم ثوابَ عملٍ وجب أن يكون لهؤلاء أجرٌ على هذا الإهداء، وأن يكون لمن دعاهم إلى هذا الخير وعلَّمهم إياه مثل أجرهم كلى ذلك، وهذا الداعي إلى الخير عَنَى أن يهدى إليه ثواب