للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)) (١)، وقال: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٢). فما تولد عن فعل العبد يحصل له منه ثواب وعقاب وإن لم يقصده، ولكن حصول مثل أجر العامل فرع أخص من ذلك.

الجواب الثاني، وهو من الوجه الثاني بأن يقال: إذا كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحصل له مثل أجر العامل، فأهدى له العامل عملاً، فلابدَّ أن يُثابَ العاملُ على إهدائه، فيكون للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمثل إهداء الثواب أيضًا، فإهداءُ هذا الثواب إن جُوِّزَ لزم التسلسلُ، وإن لم يُجوَّزْ فما الفرق بين عمل وعمل؟ بَخلاف الولد إذا بَرَّ والدَه بدعاءٍ أو صدقةٍ عنه أو نحو ذلك، فإن الله يُثيب الولدَ على ذلك، ولا يلزم أن يحصل للوالد مثل أجر الابن وإحسانه إلى أبيه، لأن الأب لم يدعه إلى هذا الإحسان. ولا يلزم من صلَّى منا أو سلَّم عليه بأن الله يصلّي على المصلِّي عشرًا، ويُسلِّم على المسلم عشرًا، ويحصلُ للرسول مثلُ ذلك لدعائه إلى هذا الهدى، ولا يُفضِي إلى هذا التسلسل، فإن هذا الأجر ليس من عمل المصلي، بخلاف ما إذا أهدى الثواب، فإن إهداء الثواب عمل فيلزم أن يحصل له مثلُه، فإن جوزنا أن يهدى ثواب الإهداء لزم التسلسل. فنحن بين أمرين: إما أن نقول: يُهدَى إليه عملٌ، فيلزم أن يُهدَى إليه ثواب الإهداء،


(١) سورة العنكبوت: ١٢.
(٢) سورة النحل: ٢٥.