للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحمد في ظاهر مذهبه يُجوزُ بيعَ المكاتَب لهذا المعنى (١)، لان ذلك لا يُبطِل حقَّه من الكتابة، بل يكونُ عند المشتري كما كان عند البائع، وهو يُورَثُ بالاتفاق. ولكن لمّا انعقد فيه سببُ الحريةِ تخيلَ مَن مَنَعَ بيعَه أنه يُباعُ حر، كما تخيل أولئك أنه يباعُ وقف، وليس الأمرُ كما تخيلُوه، بل بيعُ الحز هو أن يُسْتَعْبَدَ فيصير بخلاف ما كان حرا، وبيعُ الوقف هو أن يُجعلَ طَلْقا ويُصْرَفَ فعلُه إلى غيرِ مستحقَيْه.

والأرضُ الخراجيةُ فعلُها هو فعلُها لم يتغيرْ، وهو الخراجٍ المضروب عليها، سواءً كان ضريبةً كخراجِ عمر، أو صَارَ مقاسمة كما فعلَه متأخرو الخلفاء بأرضِ السوادِ وغيرِها، كما فعلَه المنصورُ. فعلى التقديرين حق المسلمين باقٍ، كما يَبْقَى مع الموتِ والهبةِ.

والصحابة الذين كرهوا شِرَاها إنما كرهوه لدخول المسلمِ في خراج أهل الذمةِ، أو إبطالِ حقّ المسلمين به، فإن المشتريَ إنْ أدّى الخراجَ - وهو جزيةِّ- فقد التزمَ الصغار، وإن لم يؤدِّه أبطلَ حق المسلمين، فلذا كرهَ ذلك عمر وغيرهُ من الصحابة، وهم نَهَوا عن الشرَى.

وأما البيعُ فإنما كان يبيعُها أهلُ الذمّةِ، لأنّ الأرضَ الخراجية


(١) انظر: المغني ٩/ ٤٩٠. وانظر هذه المسألة في: مصنف عبد الرزاق ٨/ ٤٢٤ والأمّ ٧/ ٣٩٤ والمحلى ٩/ ٢٣٢ وتفسير القرطبي ١٢/ ٢٥٠ والسنن الكبرى ١٠/ ٣٣٦ - ٣٤٠ والإشراف لابن المنذر ١/ ٣٣٩ ومختصر اختلاف العلماء للجصاص ٤/ ٤٢٨ وفتح الباري ٥/ ١٩٤ - ١٩٦.