للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل، فلم يبق في الإهداء فائدة، بل فيه إخراج العامل الثوابَ عن نفسه من غير فائدة تحصل لغيره، إذِ العامل يثيبه الله على عمله، ويعطي من دعاه إليه مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئًا، فإذا أهداه وبَذَل ثوابه لغيره فإن لم يثب على هذا الإهداء بمثل ثواب العمل كان ذلك ضررًا في حقه، من غير منفعة حصلت للمهدى إليه، لأن هذا العامل فاته ثواب العمل أو كمال الثواب، وذلك المهدى إليه كان قد حصل له مثل هذا الثواب، فلم يحتج إليه. ولو قدرنا أنه يحصل له ثوابه مرتين فلا ثواب يبقى لهذا، فالله تعالى لا يأمر بمثل هذا ولا يشرعه، ولا يأمر أحدًا أن ينفع غيره في الآخرة بغير منفعةٍ تحصل له لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل الله تعالى إنما يأمر بالإحسان لأنه يجزي المحسنين على إحسانهم، والجزاء من جنس العمل، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح (١): "من نَفَّسَ عن مؤمن كربة من كُرَبِ الدنيا نفّس الله عنه كربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتَر مسلمًا سَتَره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وقال (٢): "من صلى عليّ مرةً صلى الله عليه عشرا"، وقال (٣): "ما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلاّ وكَّلَ الله به مَلَكًا، كلَّما دعا لأخيه بدعوة قال


(١) أخرجه مسلم (٢٦٩٩) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه مسلم (٤٠٨) عن أبي هريرة.
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٣٢) عن أبي الدرداء.