للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك الموكل: آمين، ولك بمثل". والأحاديث في ذلك كثيرة.

وإن قيل: إنه يثَاب على هذا الإهداء مثل ثواب العمل لزم أن يكون لمعلمه مثل ذلك ولزم التسلسل، فصار الأمر دائرًا بين ضرر العامل -والله لا يأمر به- وبين التسلسل في الجزاء على العمل الواحد، وهو ممتنع، فلهذا لم يشرع مثل ذلك.

فإن قيل: فهذا ينقض بدعائه لمن دعاه وعلَّمه ونحو ذلك.

قيل: هذا ونحوه من باب المكافأة، كما في الحديث (١): "من أَسْدَى إليكم معروفًا فكافِئُوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه". وقد قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ (٦٠)) (٢). وهم إذا كافأوا المحسنَ بالدعاء انتفع بدعائهم له، وحصل لهم ثوابُ المكافأة، فحصل له مثل ثوابهم على المكافأة التي دعاهم إليها فلم يتضرر، وإن لم يتسلسل الأمر بل يكون فعلهم المكافأة له لفعله المكافأة لغيره وسائر ما يعملونه من العدل والإحسان الذي دعاهم إليه.

ولهذا جاءت الشريعة في حق نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصلاة عليه والتسليم وسؤال الوسيلة له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسليما، فنحن إذا صلينا عليه أُثِبْنَا على صلاتنا عليه، وله مثل ذلك الأجر لكونه هدانا إلى ذلك، وذلك من


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٦٨، ٩٩، ١٢٧) والبخاري في الأدب المفرد (٢١٦) وأبو داود (١٦٧٢، ٥١٠٩) والنسائي (٥/ ٨٢) عن ابن عمر.
(٢) سورة الرحمن: ٦٠.