للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمامُ أحمد هؤلاء، وقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله» (١)، أفيكون قول «لا إله إلا الله» مخلوقًا (٢)!

ومراده أن من قال: هي مخلوقة مطلقًا، كان مقتضى قوله أنّ الله لم يتكلم بهذه الكلمة، كما أن من قال: ألفاظنا وتلاوتنا وقراءتنا القرآن مخلوقة، كان مقتضى كلامه أنّ الله لم يتكلم بالقرآن الذي أنزله، وأن القرآن المنزَّل ليس هو كلام الله، وأن يكون جبريل نزل بمخلوقٍ ليس هو كلام الله، والمسلمون يقرؤون قرآ نًا [مخلوقًا] ليس هو كلام الله.

وقد عُلم بالاضطرار من دين الإسلام أن القرآن الذي يقرؤه المسلمون كلام الله تعالى، وإن كان مسموعًا عن المبلِّغ عنه، فإنَّ الكلام قد يُسمع من المتكلِّم به، كما سمعه موسى بلا واسطة [ق ٦٤] هذا سماع مطلق، كما يرى الشيء رؤيةً مطلقةً. وقد يسمعه مِن المبلِّغ عنه، فيكون قد سمعه سماعًا مقيدًا، كما يرى الشيء [في] (٣) الماء والمرآة رؤيةً مقيَّدةً لا مطلقة، ولما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦٢] كان معلومًا عند جميع من خُوطب بالقرآن أنه يُسمع سماعًا مقيدًا من المبلغ، ليس المراد به أنه يسمع من الله كما سمعه موسى بن عمران، فهذا المعنى هو الذي عليه السلف والأئمة.


(١) أخرجه مسلم (٣٥) بنحوه مطولًا، وعند البخاري (٩) بلفظ «بضع وستون شعبة .. » من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو كذلك في (ف).
(٢) الأصل: «مخلوقة».
(٣) من (ف).