للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعد ذلك حدث أقوال أخر، فظن طائفةٌ أنه سمع من الله. ثم (١) من هؤلاء من قال: إنه يسمع صوت القارئ من الله، ومنهم من قال: إن صوت الرب حَلَّ في العبد، ومنهم من يقول: ظهر فيه ولم يحل فيه، ومنهم من يقول: لا نقول ظهر ولا حل، ثم منهم من يقول: الصوتُ المسموع غير مخلوق أو قديم، ومنهم من يقول: يسمع منه صوتان: مخلوق، وغير مخلوق. ومن القائلين بأنه مسموع من الله من يقول: بأنه يسمع المعنى القديم القائم بذات الله مع سماع الصوت المُحْدَث، قال هؤلاء: يسمع القديم والمحدث، كما قال أولئك: يسمع صوتين قديمًا ومحدثًا. وطائفة أخرى قالت: لم يسمع الناسُ كلام الله، لا من الله ولا من غيره، قالوا: لأن الكلام لا يُسمع إلا من المتكلم. ثم من هؤلاء من قال: يسمع حكايته، ومنهم من قال: يسمع عبارته لا حكايته، ومن القائلين بأنه مخلوق من قال: يُسمع شيئان الكلام المخلوق الذي (٢) خلقه، والصوت الذي للعبد.

وهذه الأقوال كلها مبتدعةٌ؛ لم يقل السلف شيئًا منها، وكلها باطلة شرعًا وعقلًا، ولكن ألجأ أصحابَها إليها اشتراكٌ في الألفاظ واشتباه في المعاني، فإنه إذا قيل: سمعتُ [كلام] زيدٍ، أو قيل: هذا كلام زيد، فإن هذا يقال على كلامه الذي تكلم هو به بلفظه ومعناه، سواء كان مسموعًا


(١) «كما سمعه موسى ... ثم» سقط من (ف).
(٢) (ف): «والذي».