للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعجمي: ما الخبزُ؟ أخذَ الرغيف وقال: هذا. وهذا باب واسع لبسطِه موضع آخر (١).

وأما الاحتجاج بقوله: (فِي أَرْحَامِهِنَّ) فيقال: هو سبحانه قال: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)، فالظرف متعلق بقوله (خَلَقَ)، فما خلق الله في رحمها لم يحل لها كتمانُه، وكتمانُه إخفاؤه عن غيرها، وذلك يتناول كتمانه بعدما يخرج من الرحم، مثل كتمان الولد إذا ولدتْه، وكتمان الدم إذا حاضت، فإنها إذا كتمت ذلك عن الزوج وغيره، ولم تُخبر بذلك، فقد كتمت ما خلق الله في رحمها، فإن هذا خلق في رحمها، وإن كان قد خرج من الرحم بعد ذلك، وهي منهية عن كتمانه مطلقًا، لم يخص النهي بوقت وجودِه في الرحم، لاسيّما وهو إذا فسَّره بالولد، فولدتْه وكتمتْه، لم يقل إنها ولدت، لئلا يظن أنّ عدتها انقضت، أو لتضيع نسبه، على أنه كان ذلك محرمًا، وكانت منهيةً عن ذلك. ولو قيل: الرجلُ يكتُم ما تحت ثيابه أو ما في منديله، كان كإمساكِه، وإن خلَع ثيابه حيثُ لا يُرى، وإن أخرج ما في المنديل حيثُ لا يُرى، فالظرف هنا متعلق بالفعل العامل فيه، كالاستقراء وكالخلق في الآية ليس معلَّقا بالكتمان، والمنهيُّ عنه الكتمان مطلقًا، وحيث نهي الإنسان عن الكتمان فإنه متناول لمثل هذا، كقوله: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٢)، وقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) (٣)، وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٣٣٣ وما بعدها).
(٢) سورة البقرة: ٢٨٣.
(٣) سورة البقرة: ١٤٠.