للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُعرَفُ حقيقةُ {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩]، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]، مع أن السيئة من القدَر، وقول الصدِّيق وغيره من الصَّحابة - رضي الله عنهم -: "إن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمني ومن الشيطان" (١).

إلى غير ذلك ممَّا يتَّسعُ القول فيه، ممَّا قد لَحَظ (٢) كلُّ ناظرٍ منه شعبةً من الحقِّ، وتعلَّق بسببٍ من الصواب، ولم يجمَع (٣) وجوهَ الحقِّ ويؤمنْ بالكتاب كلِّه إلا أولو الألباب، وقليلٌ ما هم.

فهذه إشارةٌ يسيرةٌ إلى كلِّيِّ التقدير.

وأما كونُ قدرة العبد وكسبه له شأنٌ من بين سائر الأسباب، فإن الله خصَّ الإنسان بأن عمله (٤) يورثه في الدنيا أخلاقًا وأحوالًا وآثارًا، وفي الآخرة أيضا أمورًا أُخَر، لم يجعَل (٥) هذا لغيره من مخلوقاته.

والوجوه التي خُصَّ بها الإنسانُ في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله شخصًا ونوعًا أكثرُ من أن تحصى، وما من عاقلٍ إلا وعنده منها طرف.

ولهذا حَسُنَ توجيهُ الأمر والنهي إليه، وصحَّ إضافة الفعل إليه حقيقةً


(١) أخرجه الدارمي (٣٠١٥) عن أبي بكر، وأحمد (٤٢٧٦)، وأبو داود (٢١١٦) عن ابن مسعود - رضي الله عنهما -.
(٢) (ف): "إلى غير ذلك مما فيه ما قد لحظ"، وفي العبارة خللٌ وسقط.
(٣) (ف): "وما يتبع".
(٤) (ف): "علمه". وهو تحريف.
(٥) (ف): "يحصل".