للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبرارُهم هم أئمَّةُ الدِّين وهداةُ المسلمين وصالحُو المجاهدين أهلُ الإيمان والقرآن؛ والحاملُ النَّاصرُ للإيمان والقرآن، هُمْ صَفْوَةُ الله من عباده وخِيَرَتُه من خلقِه، وموضعُ نظرِ اللهِ إلى الأرضِ، وورثةُ الأنبياء وخَلَفُ الرُّسُل، قال الله تعالى فيهم: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)) (١).

والبُشْرَى قد فَسَّرَها النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرؤيا الصَّالحةِ يَراها المؤمنُ أو تُرَى له (٢)، وبالثَّناءِ الحَسَنِ مِن المؤمنين (٣).

ومُرَّ على النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجنازةٍ فأَثنوا عليها خيرًا، فقال: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ"، ومُرَّ عليه بجنازةٍ فأثنوا عليها شَرًّا، فقال: "وَجبتْ وَجَبَتْ"، قالوا: يا رسولَ الله! ما قولك وَجَبتْ؟ قال: "هذه الجنازة أثنيتُم عليها خيرًا فقلتُ وَجَبَتْ لها الجَنَّةُ، وهذه الجنازة أثنيتُم عليها شَرًّا فقلتُ وَجَبَتْ لها النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ الله في الأرض" (٤).

فمن شَهِدَ له عُمُومُ المؤمنين بالخيرِ كان مِن أهل الخير، ومَن شُهِدَ له بالشَّرِّ كان من أهل الشَّرِّ.


(١) سورة يونس: ٦٢ - ٦٤.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٥، ٣٢١) والدارمي (٢١٤٢) وابن ماجه (٣٨٩٨) عن عبادة بن الصامت. وفي الباب عن أبي الدرداء وغيره. انظر تفسير ابن كثير (٤/ ١٧٥٩، ١٧٦٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٤٢) عن أبي ذر.
(٤) أخرجه البخاري (١٣٦٧، ٢٦٤٢) ومسلم (٩٤٩) عن أنس.