للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما صاحبُه الطاوسي ففي كلامه من الكذب على رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والباطلِ شيء كثير جدا. وتكلم في الحروفَ والدوائر بكلامٍ انفرد به، لا يُشبه كلام أبي الحسن الحَرَالّي ولا كلام أبي العباس البُوني، وهو كلام فيه أشياء حسنة مناسبة، وفيه أشياء لا فائدة فيها، وفيه أشياء ضعيفة بل باطلة من جنس كلام سائر الناس، وفيه أشياء من الهذيان والباطل التي لا يقولُها عاقل. والله تعالى يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا يجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا.

وإذ قد ابتدأ الشيخُ بدعوى أن هذا هو الحق الصريح، فنحنُ نذكرُ ما تبيّن به حقيقتُه. أوّل ما في هذا الكلام أنه دعوى مجردة بلا حجة ولا دليلٍ، وإذا كان من تكلَّم في مسألة من مسائل الاستنجاء أو الإجارة لم يُقبَل منه إلاّ بالحجة والدليل، فمن تكلم في خالقِ الخلق وربّ العالمين بكلامٍ لا يوجَد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا قاله أحدٌ من السلف ولا شيخ من المشايخ الذين لهم لسان صدقٍ في عمومه، بل جميعُ أهل العلم والإيمان والمشايخ المقبولون يُكفرون من يقوله، ولم يأتِ عليه لا بحجةٍ ولا دليلٍ، كيف يُقبَل منه؟

ثمّ إن هذا الباب كيف يجوز لمؤمنٍ بالته ورسوله أن يتكلم فيه بغير الكتاب والسنةِ؟) ألم يَسمع الله يقول: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) (١)، ألم يسمع الله


(١) سورة النساء: ١٧١.