للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٨ - ٥٩]. فجعل من المنافقين مَن سَخِطَ فيما منعَه اللهُ إياه ورسولُه، وحضَّهم بأن يَرضَوا بما آتاهم الله ورسوله. والذي آتاه الله ورسولُه يتناولُ ما أباحه دونَ ما حظَره، ويدخل في المباح العامّ ما أوجبَه وما أحبَّه.

وإذا كان الصبر على الضرَّاء ونحوِ ذلك مما أوجبه الله وأحبَّه، كما أوجب الشكر على النعماء وأحبَّه، كان كلٌّ من الصبر والشكر مما تجبُ محبتُه وعملُه، فيكون ما قُدِّر للمؤمنين من سَرَّاءَ معها شكرٌ وضرَّاءَ معها صبرٌ خيرًا له، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاءُ فشكَرَ كان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاءُ فصبرَ كان خيرًا له» (١).

وإذا كان ذلك خيرًا فالخير هو المنفعةُ والمصلحةُ، الذي فيه النعيم واللذة كما تقدمَّ، فيكون كلُّ مقدورٍ قُدِّر للعبد إذا عمل فيه بطاعة الله ورسولِه خيرًا له، وإنما يكون شرًّا لمن عمل بمعصية الله ورسوله، وقبلَ ذلك فهو محنةٌ وفتنةٌ وبلاءٌ، قد يَعملُ فيه بطاعة الله، وقد يعمل فيه بمعصية الله، فلا يُوصف بواحدٍ من الأمرين.

آخره، والحمد لله (٢).


(١) أخرجه مسلم (٢٩٩٩) عن صهيب.
(٢) في الهامش: بلغ مقابلةً بأصلها المنقول عنه قدرَ الاستطاعة، والحمد لله.