للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسنات يُضاعَفُ له الثوابُ، كما قال تعالى: (إِلًا مَن تَابَ وَآمَن وَعَمِلَ عملا صالِحًا فَأُوْلَئك يبَدِّلُ الله سيئاتِهِم حَسَنَات وَكاَنَ اللهُ غَفُورا رَّحِيمًا (٧٠)) (١).

وقد ثبت في الصحيح (٢) أن الله يومَ القيامة يَظهر لعبدِه فيقول: "إني قد أبدلتك مكانَ كل سيئةٍ حسنةً"، فحينئذٍ يَطلبُ كبائرَ ذُنوبِه.

وقد ثبت في الصحاح (٣) من غير وجهٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أخبر أن الله أشدُ فَرَحًا بتوبةِ عبدِه من رجلٍ أضلَّ (٤) راحلتَه بأرضٍ دَوِّيَّةٍ مَهلَكةٍ عليها طعامُه وشرابُه، فطلبَها فلم يجدْها، فنامَ تحت شجرةٍ يَنتظِرُ الموتَ، فلما استفاقَ إذا بدابَّتِه عليها طعامُه وشرابُه، فالله أشدُّ فَرَحًا بتوبة عبدِه مِن هذا براحلتِه.

وهذا أمرٌ عظيمٌ إلى الغاية. فإذا كانت التوبةُ بهذه المنزلةِ كيف لا يكون صاحبُها مَعظَّمًا عند اللهِ؟ وقد قال تعالى: (إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السماوات والأرض والجِبَالِ فَأَبَين أَن يحمِلنَهَا وَأَشفَقنَ مِنهَا وَحَملَها الإنسانُ إِنَّه كانَ ظَلُوما جَهُولا (٧٢) لِيَعُذبَ اللهُ اَلمُنافِقِينَ وَالمُناَفِقات وَالمشركين والمشركات ويتوب الله عَلَى اَلْمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنات وكَاَنَ الله


(١) سورة الفرقان: ٧٠.
(٢) مسلم (١٩٠) عن أبي ذر.
(٣) البخاري (٦٣٠٨) ومسلم (٢٧٤٤) عن ابن مسعود، والبخاري (٦٣٠٩) ومسلم (٢٧٤٧) عن أنس. ورواه مسلم أيضًا (٢٧٤٥،٢٧٤٦) عن النعمان بن بشير والبراء بن عازب.
(٤) في الأصل: "أظل"، وهو خطأ.