للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قيل: "إن من ثواب الحسنةِ الحسنةَ بعدها، وإن من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها" (١).

وكذلك العملُ السيِّء ــ مثل الكذب، مثلًا ــ يُعْقِبُ صاحبَه في الحال ظلمةً (٢) في القلب، وقسوةً، وضيقًا في صدره، ونفاقًا، واضطرابًا، ونسيانَ علمٍ كان يَعْلَمُه (٣)، وانسدادَ باب علمٍ كان يطلبُه، ونقصًا في يقينه (٤) وعقله، واسودادَ وجهه، وبغضةً في قلوب الخلق، واجتراءً على ذنبٍ آخر من جنسه أو غير جنسه، وهلمَّ جرًّا، إلا أن يتداركه الله بلطفه (٥).

فهذه الآثار التي (٦) تُورِثها الأعمالُ هي الثوابُ والعقاب، وإفضاءُ العمل إليها واقتضاؤه إياها كإفضاء جميع الأسباب التي جعلها الله أسبابًا إلى مسبَّباتها (٧).

فالإنسان إذا أكل أو شربَ حصل له الرِّيُّ والشِّبع، وقد ربط الله تعالى


(١) أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" (٣٨٢)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦٨٢٩)، والقشيري في "الرسالة" (١/ ١٢٥) عن علي بن محمد أبي الحسن المزيِّن (ت: ٣٢٨).
(٢) (ف): "يعاقب صاحبه في الحال بظلمة". وهو تحريف.
(٣) (ف): "ونسيان ما تعلمه".
(٤) الأصل: "نفسه". والأشبه ما أثبت من (ف).
(٥) (ف): "برحمته".
(٦) (ف): "هي التي".
(٧) الأصل: "كاقتضاء جميع الأسباب التي جعلها مسبباتها التي جعلها الله". وهو تخليط صححته من (ف).