للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يقتل أحد من الخلفاء على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا العدد، بل ولا حمزةُ سيّدُ الشهداء -الذي يُقال: إنه أسدُ الله ورسولِه- لم يَقتلُ هذا العدد، وهو في الشجاعة إلى الغاية. وكذلك الزبير بن العوَّام هو في الشجاعة إلى الغاية، حتى قال فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح: "إن لكل نبيٍّ حواريًا، وحَوارِي الزبيرُ" (١)، ولم يَقتُل في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا العددَ.

وغزواتُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسراياه مضبوطة عند أهل العلم بالسيرةِ والحديث، والله تعالى كان يُبارِك لنبيّه وأصحابه في مغازيهم، فمع العمل القليل يَظهرُ الإسلام وتفشو الدعوة ويدخلون في دين الله أفواجًا. ومجموعُ من قَتَلَ الصحابةُ كلُّهم مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَبلُغون ألفَ نفسٍ، بل أقلّ من ذلك، ومع هذا ببركة الإيمان فُتِحتْ أرضُ العرب كلُّها في حياتِه.

وكان القتلُ يومَ بدرٍ، وهي أول مغازي القتال، وأسروا منها سبعين أو نحوها. وأما يومَ أحد فقُتِلَ الكفّارُ قليلًا جدًّا، وكذلك يومَ الخندق ويومَ فتح مكة، والقتلى في خيبر وحنين ليسوا بالكثير. وأعظمُ عددًا قُتِلوا جميعًا قَتْلَى قُريظةَ، فإنهم بلغوا ثلاث مئة أو أربع مئة قتلهم جميعًا.

وجملةُ مغازي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بضعٌ وعشرون غزاةً، وكان القتال فيها في تسعٍ: مغازي بدر وأحد والخندق وبني المصطلق وقريظة (٢) وخيبر والفتح وحنين والطائف، وأعظم ما كان مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومَ تبوك بَلَغوا عشراتِ ألوفٍ، ولكن لم يكن في تبوك قِتالٌ، بل أقامَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتبوكَ عشرين يومًا يَقْصُر الصلاةَ، وكان قد جاء لقتالِ النصارى من الروم والعرب وغيرهم، فلم يُقدِمُوا على قتاله.


(١) أخرجه البخاري (٢٨٤٦ ومواضع أخرى) ومسلم (٢٤١٥) عن جابر بن عبد الله.
(٢) في الأصل رسم كلمة غير واضحة، والمقصود ما أثبتُ.