للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم - اقترض بعيرًا وردَّ خيرًا منه (١)، فقد ثبت أخذ الحيوان بمثله مع التأخير، وذلك مُبطِلٌ لقولِ من يقول: الجنس بانفراده يحرم النَّساء، فإنه لو جاز ذلك لم يجز قرض بعير ببعير مع التأخير.

لكنْ أبو حنيفة لا يُجوِّز قرضَ غير المكيل والموزون، فلا يجوز بعير ببعير إلى أجل، لا قرضًا ولا بيعًا. وأحمد يجوِّزه قرضًا بخلاف البيع. وهل الواجب في الردّ الجنسُ أو القيمةُ؟ على وجهين، والجنس هو المنصوص. ولا يجوِّزه بيعًا في إحدى الروايات؛ لأن البيع يجب فيه الأجل، وأما القرض فإنه بذل المنفعة بلا عوض، ولهذا لا يجوز فيه التأجيل عنده.

وكذلك أبو حنيفة لا يُجوِّز التأجيل في القرض، فإنه إذا جاز التأجيل فيه كان معنى بيع الشيء بجنسه نَسَاء، وذلك لا يجوز عند أبي حنيفة وأحمد في رواية. بل كلما يجب وفاء القرض وحده يحرم ربا النَّساء وحدَه.

والشافعي وأحمد في رواية ومن وافقهما يُجوِّزون في غير الشيء الربوي كالحيوان يبيع بعضه بجنسه حالًّا وإلى أجلٍ متماثلًا ومتفاضلًا، ولا يجوّزون أن يُقرِضه ويشترط أكثر منه. وهذا تناقض، فإنه إذا جاز معاوضة بعضه ببعض حالًّا ومؤجلًا فالقرض لا يخرج عن هذا وهذا كما تقدم. وإذا أراد أن يُقرِضه بعيرًا ويشترط بعيرين قال: بعني بعيرًا


(١) أخرجه مسلم (١٦٠٠) من حديث أبي رافع.