للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يعصي الله فلا يَعْصِهِ".

وهذا متفق عليه بين أئمة الدين، لكن تنازَعُوا هل عليه كفارة يمينٍ أو نذرِ ما ليس مشروعًا؛ بعد اتفاقهم على أنه لا يفعله؟

فقيل: لا شيء عليه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وغيرهما لأنه ليس في هذا الحديث وغيره أنه أمر له بالتكفير.

وقيل: بل عليه كفارة يمين، وهو ظاهر مذهب أحمد، لما ثبت في صحيح مسلم (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "كفارةُ النَّذْرِ كفارةُ يمينٍ". وفي السنن (٢) عنه أنه قال: "لا نَذْرَ في معصيةٍ وكفارتُه كفارةُ يمينٍ".

وقد ثبت في الصحيح (٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "أفضلُ الصيام صيامُ داود، كان يصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا، وأفضلُ القيام قيام داود كان ينامُ نصف الليل ويقوم ثُلُثه وينام سُدُسه". وقد استفاض عنه في الصحيح (٤) أنه نهى عن مداومة الصيام والقيام وقراءة القرآن في أقل من ثلاث. وأمثال ذلك من النصوص التي تُبيِّن ما بَعَث الله به رسوله من الحنيفية السمحة. كما جاء في الحديث: "أَحَبُّ الدين إليَّ الحنيفية السَّمحة" (٥).


(١) برقم (١٦٤٥) عن عقبة بن عامر.
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٢٥) والترمذي (١٥٢٥) والنسائي (٧/ ٢٦، ٢٧) وابن ماجه (٢١٢٥) عن عائشة.
(٣) البخاري (١١٣١) ومسلم (١١٥٩).
(٤) البخاري (٥٠٥٢) ومسلم (١١٥٩).
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ٢٦٦) والبخاري في الأدب المفرد (٢٨٧) عن ابن عباس نحوه.