للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تارة في غير ما عليه الطائفتان المتقابلتان، وهذا في مواضع كثيرة، ولعل هذا منها.

فأما الطعن في الإخلاص لله أربعين صباحًا فهذا ليس بسديد، فإن نفس الإخلاص وكونه أصل كل خير قد دل عليه الكتاب والسنة، واتفق عليه الأمة، وسنذكر من ذلك ما شاء الله.

وأما توقيته بأربعين ففيه هذا الحديث المرسل، ولكن لم يذكره أبو الفرج، فما أظنُّه بلغَه، ورآهم اعتمدوا حديثًا ضعيفًا، فكثيرًا ما يعتمدون على أحاديث واهية.

ثم مراسيل مكحول فيها نظر، وفي الاستدلال بالمرسل نزاع، لكن يُقال: المرسل إذا عَضَدتْه أدلة أخرى استدل به.

والأربعين فيها يتحول الإنسان من حال إلى حال، كما ثبت في الصحيحين (١) من حديث [ابن مسعود]، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "يُجمَعُ خَلْقُ أحدكم في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يُنفَخ فيه الروح ".

ولهذا جاء في الحديث الذي في السنن (٢): "مَن شرب الخمر لم تُقبَل له صلاةُ أربعين يومًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشربها لم


(١) البخاري (٧٤٥٤) ومسلم (٢٦٤٣).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٣٥) والترمذي (١٨٦٢) من حديث ابن عمر. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد روي نحو هذا عن عبد الله بن عمرو وابن عباس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.