للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُمكن دعواه في الميتةِ، ولا يُمكن دعواه هنا، لأنه لا ٍتحصلُ له إلاّ الميتةُ، وقد تغيٍرَ حالُه إليها، وحاجتُه تدفع الفسادَ الحاصلَ بأكلها، ٍفكذلك التيمم.

قيل: هذا قياس فاسد، وذلك أنه صَادَ ميتةَ وأكلَ، والميتةُ لم تتغيرْ، لكن تَغيَّرَ حالُ الآكل، وهنا ليس إلاّ المُحدِث الذي كانتِ الصلاةُ محرَّمةً عليه، ثمَ صارت واجبةً عليه أو جائزةَ بالتيمم، فلو لم يَتغيَّرْ حالُه بالتيمم لما جازتْ صلاتُه، وليس هنا إلاّ الحدث في الشرعِ، فأُبيْحَتْ (١) له الصلاةُ في حالٍ، وحُرِّمَتْ عليه في حالي، مع تسميتِه في حالِ الإباحةِ مُتطهراً، وجَعْلِ التراب طَهوراً كما جُعِلَ الماءُ طهوراً.

وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمرو بن العاص: "أصَلَّيْتَ بأصحابكَ وأنتَ جُنُبٌ؟ " استفهامٌ (٢)، فسَألَه: أكانَ ذلك أم لم يكن؟ وليسَ هو خبراً أنه صفَى وهو جنبٌ، فلما أخبره أنه تيمم لخشية البَرْدِ تبيَّنَ أنه لم يكن جُنُباَ، فأقَره النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وإلاّ فلو كانَ المرادُ الخبرَ وهو قد صَفَى مع الجنابة صلاةً جائزةً لم يسألْهُ. وإن كانت الجنابةُ مانعةً من الصلاة مطلقاً لم يَقْبَلْ عُذْرَه. وهو لم يَقُلْ: "أصَلَّيْتَ وأنتَ (٣) جُنُبٌ بلا تيمُّمٍ " ليكون قد استفهمه عن حال التحريم، بل أطلق الصلاةَ مع الجنابة. وهم يقولون: يجوز مع الجنابة تارةً، ولا يجوز أخرى،


(١) من هنا انتقل الكلام إلى هامش الصفحة السابقة (٣٣٠ ب).
(٢) نحو هذا الكلام عند المؤلف في مجموع الفتاوى ٢١/ ٤٠٤ - ٤٠٥.
(٣) من هنا انتقل الكلام إلى هامش الصفحة السابقة (٣٣٠ أ).