ومن الصلاة إلى غير القبلة ونحو ذلك، فإن الصلاة في الوقت المشترك صلاة في الوقت يُفعَل فيه للمصلحة الشرعية، بخلاف الصلاة بدون شروطِها، فإنه يحرم، [و] لا يجوز إلا لضرورة.
ولهذا كانت الصلاة بالغسل وبالوضوء في الوقت المشترك خيرا من الصلاة بطهارة ناقصة في الوقت المختصّ. ومن ذلك الأجير والمملوك إذا أدخله سيدُه الحمامَ والمكانَ النجسَ، ولم يُخرِجه منه إلى المغرب، فصلاتُه فيه خير من التفويت، وذلك واجب عليه، والجمعُ بين الصلاتين خيرٌ له من الصلاة في ذلك المكان المنهي عنه، وهذا الجمع بطهارة الماءِ، وتلك بطهارةِ التيمم.
فإن قيل: هذه المرأة تُفوتُ الوقتَ المختصّ وطهارةَ الماء، فهذانِ نَقصانِ، والصلاةُ في الحمام ليس فيها إلا نقص واحد، فَلِمَ كان هذا أولى؟
قيل: الصلاةُ في الحمام منهيٌّ عن جنسها، ليس لأحد أن يفعلها لغير ضرورة، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الأرضُ كلُّها مسجد إلا المقبرةَ والحمامَ"(١). وأما الجمعُ فيجوز للحاجة والمصلحة الراجحة كما تقدم، وأما التيمم فإن الصلاة بتيمُّم خيرٌ من الصلاة في الحمام، لأن التيمُّم طهارة مأمورٌ بها، وهي تقوم مقامَ الماء عند عدمِ الماء وخوفِ
(١) أخرجه أبو داود (٤٩٢) والترمذي (٣١٧) وابن ماجه (٧٤٥) من حديث أبي سعيد الخدري. قال الترمذي: هذا حديث فيه اضطراب، ثم بين ذلك بأنه رُوِي مرسلا وموصولاً، والمرسل أصح.