المبادئ علةَ فعلِه ومعلولةَ فعلِه، وذلك ممتنع إن كانت هي إياها، وإن كانت غيرها لزم أن يكون فاعلاً لفعله بفعل. وكذلك الفعل بفعل آخر، وكذلك الفعل بفعل آخر، فتحدث تلك الإرادة بإرادة، وتلك الإرادة بإرادة، وهلمَّ جرا. وهذا يُفضِي إلى وجود حوادثَ لا تتناهَى في الإنسان، والإنسان متناهي، ويمتنع وجود ما لا يتناهى فيما يتناهى، فلا بد أن تنتهي تلك الأفعال إلى أسباب خارجة من العبد، وهذا خارج من قولنا، لأنه يفضي إلى التسلسل، فإن التسلسل إن أريد به تسلسل العلل التامة التي يجب وجودها في زمن واحد، لم يجب ذلك. وإن توقف الفعل الثاني على الأول جاز أن يكون من باب الشروط التي يجوز تقدمها، فتكون كوجود حوادث لا تتناهى. وهذا فيه نزاع، فمن جوَّزَه في القديم أو المحدث لم يصح أن يبطل التسلسل فيه. ومن لم يُجوِّزه يرد عليه سؤالات مذكورة في غير هذا الموضع.
وإن شئت أن تقول: لأن الفعل القريب إما أن يكون مفعولاً عن الفعل الذي قبله بحيث يكون كل فعلِ علةً لما بعده أو شرطًا، فإن كان علة لزم وجودُ إرادات وأفعال لا تتناهى في زمان واحد، والإنسان يعلم بحسِّه وعقلِه أن الأمر بخلاف ذلك علمًا ضروريا. وإن كان شرطًا لزم ما لا يتناهى على التعاقب، وهو إما أن يكون ممتنعًا فيما يتناهى، وإن شئت أن تقول: التسلسل في الإنسان ممتنع، لأنه مستلزلم وجودَ ما لا يتناهى في زمن واحد، أو في أزمنةِ لا تتناهى في حق الإنسان، وذلك ممتنع في الوجهين.
وهذا السؤال يَرِدُ على أبي عبد الله الرازي، فإنه يقرر خلق فعل