للميت، فإن هذا خلاف إجماع المسلمين. إذ هم متفقون على أن الدعاء والصلاة على الميت ينتفع بها، سواء كانت من ولده أو من غير ولده، فهذا بيان أن الحكم لا يختص بالولد أن ذلك لوجوب حقهما، فلا حاجةَ إلى تعليل ذلك بوجوب حقهما.
وأما جوابه لمن قال له:"النبيُّ قد دعا إلى كل خير، فله أجر من اتبعه " بأنّ الواحديَّهَ لله حق ثابت، وكل شيء له، ونحن نتقرب إليه بشِقِّ تمرة -فهذا مثلٌ ضعيف، وذلك أن الأشياء كلها لته ملكٌ له، إذ هو خالقها وربّها ومليكها، وله أسلمَ من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا، وهذا الملك لا يتعلق به ثوابُ العباد ولا عقابُهم ولا وعدُهم ولا وعيدُهم، فإن هذا حكم ربوبيته الشاملة وقدرته الكاملة، التي تتناول المؤمن والكافر والبرّ والفاجر، وأما تقربُ العباد إليه فهو بالفعل الذي يحبه ويرضاه لهم، وهذا مما افترقوا فيه. فبعض العباد آمنَ به وعبدَه وأطاعَه وفعلَ ما يحبه ويرضاه، وبعضهم كفرَ به وفسقَ وعصى، وكلاهما يتناوله حكم ربوبيته وقضائِه وقدرِه، والذي يتقرب إليه بشقِّ تمرة إذا أقرضَه قرضًا حسنًا لم يدخل في ملكه ما لم يكن فيه، بل جميع ما بذله بل هو وفعله وقدرته داخل في ملك الرّب وقدرته، سواء كان المبذول من رضاه أو سخطه، لكن بِبذلِه في الجهة التي يُحِبُّها ويرضاها صار العبد مستوجبًا لما وعده في تلك الجهة، كما أن حركات بدنه هي مخلوقة له على كل حال، فإن كانت حركة يحبها ويرضاها أثابه عليها، وإن كانت حركة يكرهها ويسخطها عاقبه عليها، وهذا يتعلق بحكم إلهيته وأمره الديني الشرعي الذي هو