للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهما، قال: لِمَ؟ قال: لأنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما أحدثَ قوم بدعةً إلاّ رُفِعَ مثلها من السُّنَّة (). فتَمَسُّك بسنّةٍ خير من إحداثِ بدعةٍ.

وعلى هذا يُحمَل الحديثُ الذي في سنن أبي داود (١) عن سهل بن سعدٍ قال: ما رأيتُ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شاهِرًا يَدَيه يدعو على منبرٍ ولا غيرِه، لكن رأيتُه يقول هكذا، وأشار بالسبابة وعَقَدَ الوسطى بالإبهام، وقد قيل: في إسناد هذا مقال (٢)، مع أنه ليس فيه إلا نفي الرؤية.

وهذه المسألة فيها قولان للعلماء هما وجهانِ في مذهب أحمد في رفع الخطيب يديه، فقيل: يُستَحبّ لعموم الأخبار الواردة في رفع الأيدي، وهذا قول ابن عقيل، وقيل: لا يستحبُّ بل يُكْرَه، وهذا أصحُّ، قال إسحاق بن راهويه: ذلك بدعة للخاطب، إنما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشير بإصبعه إذا دعا، لما تقدم من الآثار.

وأمّا في الاستسقاء لما استسقَى على المنبر رفعَ يديه، كما رواه البخاري في صحيحه (٣) عن أنس، قال: أتى أعرابيٌّ من أهل البدو إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومَ الجمعة، فقال: يا رسول الله! هلكتِ الماشيةُ وهلكَ العِيالُ وهلك الناسُ، فرفعَ رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْه يدعو، ورَفَعَ الناس أيديَهم معه يدعون، قال: فما خرجنا من المسجد حتى مُطِرْنا.


(١) برقم (١١٠٥). وأخرجه أيضا أحمد (٥/ ٣٣٧) وابن خزيمة (١٤٥٠).
(٢) قال الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (١٤٥٠): إسناده فيه ضعف، أبو الحويرث قال الحافظ: صدوق سيئ الحفظ.
(٣) برقم (١٠٢٩ ومواضع أخرى).