للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يستتاب. وهل هذه الاستتابة واجبة أو مستحبة هي موَقتة ثلاثة أيام؟ هذا فيه نزاع معروف.

وإذا قُتِلَ فهل يُقتَل كافرًا مرتدًا لا يُدفَن في مقابر المسلمين ولا يُغسل ولا يُصلى عليه، أو يُقتَل فاسقًا كقتلِ قاطع الطريق والزاني إذا كان مُقِرا بوجوبها؟ على قولين مشهورين هما روايتان عن أحمد.

وكلامُ أكثرِ السلف يدلُّ على تكفيره، وقد رجحه كثير من أصحاب أحمد وبعضُ أصحاب مالك والشافعي. وقد ثبتَ في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "ليس بين العبد وبين الشرك إلاّ تركُ الصلاة" (١)، وقال: "العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمن تركَها فقد كفر" (٢).

وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحابُ محمد لا يَرَون شيئًا من الأعمال تركه كفرًا إلاّ الصلاة. وقال عمر بن الخطاب لما قيل: الصلاة، فقال لا حظَّ في الإسلام لمن تركَ الصلاة، ولم يَقُل ثلاثة أيام.

وسُئل ابن مسعود وغيره عن قوله (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ) (٣)، فقال: إضاعتُها تأخيرها عن وقتها، فقالوا: ما كنا نَحسب ذلك إلا تركَها، فقال: لو تركوها لكانوا كفَّارًا، وقد قال سبحانه وتعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)) (٤). وإذا كان هذا الوعيد لمن نَسِيَها عن وقتها فكيف بمن تركها؟


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سورة مريم: ٥٩.
(٤) سورة الماعون: ٤ - ٥.