للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كما يرويه الكذابون أن أهل البيت سُبُوا وحُمِلوا على الجمال فنبتت لها سَنامان، فإن كل عاقل يعلم أن هذا كذب، وقد كانت البَخَاتِيُّ موجودةً في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقبل ذلك، وكما يروون أن الحجاج بن يوسف قتِلَ أشرافَ بني هاشم، وهذا كذبٌ أيضًا، فإن الحجاج مع ظلمه وغشمِه صَرَفَه الله عن بني هاشم، فلم يقتل منهم أحدًا، وبذلك أمرَه خليفته عبد الملك، وقال: إياك وبني هاشم أن تتعرضَ إلى أحدٍ، فإني رأيت آل حرب لما تعرضوا للحسين أصابَهم ما أصابهم، أو كما قال. ولم يُقتَل في دولة بني مروان من الأشراف بني هاشم مَن هو معروف، لأنّ زيد بن علي بن الحسين لما صُلِبَ بالكوفة، وقد تزوَّج الحجاج ابنةَ عبد الله بن جعفر وأعظَم صداقَها، فلم يَرَوه كفؤًا لها وسَعَوا في مفارقتِه إيّاها، ولكن ذكر الناس أن الحجاج كان يَقتُل الأشراف أشرافَ الناس وهم رؤوسُ قبائل العرب، فظنَّ من ظنَّ أنهم بنو هاشم، وتخصيصُ لفظ الأشراف بهم عُرْفٌ حادثٌ، والشرف هو الرئاسة، كالحديث الذي رواه الترمذي (١) وصححه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "ما ذئبانِ جائعانِ أُرسِلا في غنمٍ بأفسَد لها مِن حرصِ المرء على المال والشرف لدينه".

وفي الصحيح (٢) عن عائشة أن قريشًا أهمهم شأنُ المخزومية،


(١) برقم (٢٧٣٣) عن كعب بن مالك. وأخرجه أيضًا أحمد (٣/ ٤٥٦، ٤٦٠) والدارمي (٢٧٣٣). ولابن رجب جزء في شرح هذا الحديث.
(٢) البخاري (٦٧٨٧ ومواضع أخرى).