للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنوق وإن كانت ملكًا لله لكن ليست محلَّ عبادتِه وطاعته والصلاة عليه، كالمساجد التي هي بيوت عبادته، لا سيما المسجد الحرام الذي هو بيت الطواف ببيته والعكوف وتضعيف [الأجر فيه]، فالإضافة العامة بحكم الربوبية الخلقية، وهذه الإضافة الخاصة بحكم الألوهية الأمرية. وكذلك الناقة التي جعلها آية له وجعلها من شعائره وحرماته التي يجب تعظيمها، فالفرق بين هذا البيت وبيت الكنيسة مثلاً كالفرق بين المؤمن الذي هو عبد الله والكافر الذي هو خلقه، وهو معبَّدٌ له وإن كان لا يعبده، وكذلك قوله عز وجل: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) (١)، وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) (٢)، فإضافةُ الأنفال والخمس إليه كالإضافة العامة الثابتة لكل مخلوق، كقوله: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (٣). بل هذه الإضافةُ بحكم أمره ودينِه الذي بعث به رسوله، ولهذا قَرنَ هذا بالرسول، فإنّ أمْرَه الذي أمرَ به ما يُحبُّه ويَرضاه هو ما جاء به الرسول، وهذه الأموال الشرعية التي يحكم بها بأمر الله ورسوله ليست كالأموال التي ملكها لعباده.

ولهم أن يفعلوا فيها ما أحبوا إذا لم يكن محرمًا، ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إني والله لا أعطي أحدًا ولا أمنع أحدًا، وإنما أنا قاسمٌ أَضَع حيثُ أُمِرْتُ" (٤).


(١) سورة الأنفال: ١.
(٢) سورة الأنفال: ٤١.
(٣) في مواضع كثيرة من القرآن.
(٤) أخرجه البخاري (٧١ ومواضع أخرى) ومسلم (١٠٣٧) عن معاوية.