كما ثبت في صحيح مسلم (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:"لا يَحتكِرُ إلاّ خاطئٌ". ومن قال بتحريم هذا الاحتكار أخذَ بعموم هذا الحديث، وقولُه متوجِّه.
وأما إذا رأى في منامه أنه يجامع ولم يُنزِل حتى استيقظ، فخرج منه الماء بغير اختياره، فإن هذا لا يفطر كما لا يفطر إذا أنزلَ في منامِه، لأن الماء خرج منه بغير اختياره. وإذا خرج منه المنيُّ بغير سعيٍ منه ولا عملٍ لم يُفطِر، كما لو ذَرَعَه القيءُ فخرج منه القيء بغير اختياره فإنه لا يفطر، وإنما يُفطِر من استمنَى واستقاءَ. ولهذا لو غلبَه الفكرُ حتى أنزل لم يَفسُدْ صومُه باتفاق الأئمة، بخلاف ما إذا استدعى الفكرَ حتى أنزلَ، ففي فساد صومِه قولان للعلماء: أحدهما يفسد، وهو مذهب مالك وأحمد في أحد القولين، اختاره أبو حفص وابن عقيل. والآخر لا يفطر، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي والقولُ الآخر من مذهب أحمد، اختاره القاضي أبو يعلى وطائفة.
وأما إذا كرّر النظر حتى أنزل، فإنه يفسد صومه في مذهب مالك وأحمد، بخلاف مذهب أبي حنيفة والشافعي، فإنهما لا يريان الفطرَ إلاّ أن يُنزِل بمباشرةٍ كالقُبلة ونحوها. والله تعالى أعلم.