وقال أبو الخطاب في الوديعة: وكذلك إن قال: أمرتَني أن أدفَعها إلى فلان وقد دفعتُها إليه، فقال المالك: ما أمرتُك، فالقول قول المودع، نمن عليه.
قال المجد: بهذا قال ابن أبي ليلى، وبهذا قال مالك والثوري وعبد الله بن الحسن والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي والأوزاعي: لا يُقبل قولُه في ذلك، وهو ضامن. ووافقوا على أنه إذا وافقه على الإذن فإن القول قولُه في الدفع، إلاّ الأوزاعي، فإنه قال: لا يُقبَل قوله بدون بينة، ويضمن.
قلت: هذا الذي محلُّ وفاق، فنقل الطحاوي ما ينافي ما ذكره هو وأبو محمد من عموم كلام الخرقي، فإنه قال هنا: وكذلك الوديعة إذا أمره بدفعها إلى إنسان. وهذا اختيار الخرقي. فجعل الأمر بدفع الوديعة كالأمر بدفع الدَّين.
وهذه المسألة هي بعينها الأمر بدفع الوديعة، ومسألة أبي محمد مسألة الكتاب من التوكيل في الإيداع والوكيل في الإيداع هو أمر بدفع الوديعة إلى مطلق أو معين، لكن قد يقال: إنه في التوكيل في الإيداع لم يعيّن المودع، بخلافه هنا، وهذا فرق عن سويد، كالأمر بقضاء الدين المطلق أو معين، فهذا شيء، وشيء آخر وهو أنه إذا كان منصوص أحمد أنه يُقبل قولُه عليه في الإذن في الدفع من غير إشهاد، فهذا أبلغ من قبول قوله في مجرّد الدفع. وقوله "ادفعها إلى فلان" يتناول ما إذا كان بطريق القضاء والإيداع والهبة وغير ذلك، فهذا موافق لرواية مهنأ، ومخالفة ظاهرة لنقل الخرقي،