للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)) (١).

فصاحبُ هذا القول يقول: "هو في كانه يتجلَّى لنفسه بوحدتِه الذاتية، يشهد نفسه ويشهد الحقائق الكونية المعدومة في نفسها المشهودة له، فلما أراد أن يعرض نفسه على تلك الحقائق نزل التجلي من كانه إلى شأنه التي يظهر فيه الحقائق الكونية، فظهر هو في تلك الحقائق".

وهنا يضطرب أمرُه، فلم يُصرِّح بأن وجودَه قامَ بالأعيان الممكنة كما صرَّح ابن العربي، فيكون اتحاديًّا محضًا، ولا اكتفَى بمجرَّد كونِه يَعلم أن تلك الحقائق أو بعضها ستعلمه كما هو الواقع، فإن الله إذا عَلِم الأشياء وعَلِمَ أنها ستعلمه لتكن حينئذٍ قد صارت موجودةً عالمةً حتى توجد. بل استعملَ اللفظ المشترك كما فعلَه في عين الحقّ، فجعل ثبوتها في علمه بمنزلة ثبوتها في الخارج، وظهوره لها علمًا بمنزلة ظهور وجودِه في ذواتها.

فتدبَّر هذا، فإنه يُبين حقيقةَ مطلوب هذا، ومعلومٌ أن وجودَه الذاتي إن ظهر في الأعيان فأول ما يظهر باسم "أنا"، لأنه على زعمهم في وحدته الذاتية لا يتعين، ولا يكون له اسمٌ إلاّ إذا ظهر في أعيان الحقائق المعلومة، عند هذا وعند ذاك ظهرت، وهذا التعيين هو النقطة الذي قد سماها عقدة حقيقة النبوة، وهو صورة علم الحق بنفسه الواقعة بصورة العمل المطابقة للصفة المعلومة،


(١) سورة النساء: ٨٢.