للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)) (١). فبيَّن سبحانَه أن من تَرَك عهدَ الله إليه وَضَل عنه لم يكن يَعقل.

وقال سبحانَه وتعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)) (٢). وقال أيضًا: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (١٢٧)) (٣). قال ابن عباس (٤): تكفَّل اللهُ لمن قرأ القرآن وعَمِلَ بما فيه أن لا يَضِل في الدنيا ولا يَشقَى في الآخرة، وقرأ هذه الآية.

فأخبر سبحانَه أن من اتبعَ ما جاءَه من الهدى على ألسُنِ الرسلِ لا يَضِلُّ ولا يَشقى، فلا يحزن ولا يُعذب، وأنّ من أعرضَ عنه فإنه يُعذَّب بالمعيشة الضَّنْكِ، وأنه يكون أعمى يوم القيامة، ضِدّ المتبع لهداه. ثم بيَّن سبحانَه أنه يَعمى في الآخرة وإن كان بصيرًا في الدنيا، لأنَّ آياتِ اللهِ أَتَتْه فتَركها وأعرضَ عنها.


(١) سورة يس: ٦٠ - ٦٢.
(٢) سورة البقرة: ٣٨ - ٣٩.
(٣) سورة طه: ١٢٣ - ١٢٧.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١٦/ ١٤٧).