للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا أقولُ به، لكن لم تُوجَد المناقضةُ بين القولين، فكأنك تدَّعي بطلانَ ما لا وجودَ له، وأنا قائلٌ بموجب عبارتك لا بموجب إرادتِك. وأنتَ تحكمُ على أهل الكلام بمخالفة أهل الحديث، وهذا لم يُوجَد. لكن إذا قال السائل هذا قال له المدَّعي: أنتَ كما قد وافقتَني على مُدَّعايَ، فإن لفظي إمّا أن يَعنِيَ نوعًا أو عَينًا، إن عُنِيَ به النوعُ فليس من ضرورة الحكم على النوع وجودُه في الخارج، بل قد يقول: [من] كذب بسورة يس أو جحد بشيء من القرآن فهو كافر، إن لم يعلم وجود ذلك.

وإن عُنِيَ به العينُ كان التقديرُ: هذا التأويل المعيَّن الذي يخالف أهلُ الكلام [فيه] أهلَ الحديث تأويل باطل، فإذا قيل بموجب هذا كان موافقة في بطلان التأويل المعين، ثم تَبقَى المنازعةُ في تسميتِه خلافًا لأهل الحديث. ومعلوم أن هذا ثَلْمٌ للمسألة ونزاع في نَفْيِها.

فحاصلُه أن القول بالموجب تسليم للمسألة إن عُنِي بها النوعُ وتنازع في وجودِها، أو تسليم لعينها ونزاع في صفتِها، فإن كان الأول فهو نزاع فيما لم يدلَّ عليه اللفظ، وإن كان الثاني فهو تسليم للمسألة، ولا يَضُرُّ بعد ذلك النزاعُ في اسمها.

وتحريرُ السؤال أن يقال: لا نُسَلِّم أن أهلَ الكلام خالفوا أهلَ الحديث، فإنهم لو خالفوهم لقلنا: الصوابُ مع أهلِ الحديث، وهو أن القول بالموجب على تقدير ثبوت المخالفة تسليم للمسألة بتقديرِ وجودِها، وقد منع ذلك في السؤال بقوله: لو سلّمنا أن بعضهم حرَّم ذلك فهل نُقِلَ التحريم عن الله أو رسوله أو أهلِ الإجماع، ومن سَلَّم الحكمَ لم يكن له أن يُطالِبَ بالدليل، لأنه منعٌ بعد تسليم، وهو غير مقبول.