للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز التعبد به، بل من أراد أن يقف مع المسلمين بعرفة فإنه يحج كما يحج المسلمون، فيُحرِم إذا حَاذَى الميقاتَ، وإذا أفاضَ من عرفات فعلَ عند المشعر الحرام ومِنًى ما أمرَ الله به ورسولُه، وطافَ بالبيت العتيق. لا يُشرَع الوقوفُ إلاّ على هذا الوجه. ومَن حُمِل إلى عرفات ولم يَقِف الوقوفَ المشروعَ، فهو كمن حُمِلَ يومَ الجمعة إلى المسجد وهو جُنُبٌ أو بلا وضوءٍ، فسمعَ الخطبةَ ولم يُصَلِّ مع المسلمين، أو صلَّى بلا وضوءٍ أو إلى غيرِ القبلة.

والعبدُ والصبي لا يَلزَمُهما الحج، وإذا حجَّا صحَّ حجهما ولم يَسقُطْ عنهما فرضُ الإسلام، بل إذا بلغَ هذا وعتقَ هذا فعليه الحجُّ إن استطاعه.

ولو أراد العبدُ والصبي أن يَقِفَ بلا إحرامٍ وحجّ مُنِعَ من ذلك.

وليس لأحدٍ أن يَقِفَ بعرفة إلاّ مكشوفَ الرأس مُحرِمًا، إلاّ من كان معذورًا. ولو أرادَ الماشي إلى عرفة والراكبُ أن يَقِفَ مع الناس بلا حجّ ولا إحرامٍ مُنِعَ من ذلك، كما لو أراد الماشي والراكب والمحمولُ في الهواء أن يشهدَ عند المسلمين، فيكون بين صفوفهم ولا يُصلّي صلاتهم، فهذا يُعاقَب على ذلك.

والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أمر النساء أن يخرجن إلى العيد، وأمرَ الحُيضَ والعواتقَ وذواتِ الخدور، وقال: "أما الحيض فيعتزلن المصلَّى ويَشهدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين" (١)، فالحيَّض مع كونهن معذورات في ترك الصلاة أمرَهُنَّ أن لا يختلطن بالمصلِّيات، ولا يكُنَّ بين صفوف المصليات، بل يعتزلن المصلَّى، ويشهدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين. فكيف من لا عذرَ له إذا أراد أن يختلط بالمصلين في


(١) أخرجه البخاري (٣٢٤ ومواضع أخرى) ومسلم (٨٩٠) عن أم عطية.